قال العلامة ابن القيم: تأمل قوله تعالى { ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمْ } ولم يقل: " ذهب الله بنارهم " مع أنه مقتضى السياق ليطابق أول الآية { ٱسْتَوْقَدَ نَاراً } فإِن النار فيها إِشراقٌ وإِحراق، فذهب الله بما فيها من الإِشراق وهو " النور " وأبقى ما فيها من الإِحراق وهو " النارية "!! وتأمل كيف قال { بِنُورِهِمْ } ولم يقل بضوئهم، لأن الضوء زيادةٌ في النور، فلو قيل: ذهب الله بضوئهم لأوهم الذهاب بالزيادة فقط دون الأصل!! وتأمل كيف قال { ذَهَبَ ٱللَّهُ بِنُورِهِمْ } فوحَّد النور ثم قال { وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ } فجمعها، فإِن الحقَّ واحد هو صراط الله المستقيم، الذي لا صراط يوصل سواه، بخلاف طُرُق الباطل فإِنها متعددة ومتشعبة، ولهذا أفرد سبحانه " الحقَّ " وجمع " الباطل " في آيات عديدة مثل قوله تعالى : { وَيُخْرِجُهُمْ مِّنِ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } المائدة : 16 وقوله : { وَجَعَلَ ٱلظُّلُمَاتِ وَٱلنُّورَ } الأنعام : 1 وقوله : { وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ } الأنعام : 153 فجمع سبل الباطل ووحَّد سبيل الحق.
صفوة التفاسير - الصابوني -
صفوة التفاسير - الصابوني -